الأربعاء، 17 أغسطس 2016

اليوم 16 - بهوات النضال



ولدي إليك بدل البالون ميت بالــــــون
انفخ وطرقع فيه علي كل لـــــــــــون
عساك تشوف بعينك مصيرالرجــــــال
المنفوخين في السترة و البنطلـــــون
عجبي !!!
صلاح جاهين




النهاردة قررت إنى أكون موجودة فى البيت , حقيقى كنت حزينة جداً لإحساسى بمنتهى الظلم لكل الكلام المنشور فى الجرايد عن السيرك , لإن كله كلام لا يمت للحقيقة بصله , و لا يتعدى كونه إفتراءات , و علشان أحاول أهدى نفسى فكرت إنى أفتح التليفزيون و أتابع أى شئ خفيف , حتى لو فيلم كوميدى .
لكن و أنا ماسكة الريموت كونترول , و بقلب فى المحطات لفت نظرى برنامج , و فيه ضيف ذكر كلمة السيرك , بسرعة ثبتت القناة علشان أتابع ، البرنامج كان مستضيف شخصية فى غاية الأناقة , بيتكلم عن رفضه للعنف ضد الأطفال , و إن السيرك بيمارس العنف ضد الأطفال لوجود " عز " الطفل و تشغيله فى ألعاب عنيفة , و فى نهاية الحوار المذيعة وجهت الشكر للناشط الحقوقى فى حقوق الطفل ,  ورغم إختلافى التام مع رأى الناشط المحترم , و لكن حقيقى أنا ما شفتش عنف , و" عز " كان بيقدم فن و رياضة ، " عز " قادر فى سن عشر سنين إنه يدير سيرك كامل , و لكن رأيه مش مزعج , ممكن يكون فعلا مهتم بقضايا الطفل , مسكت الريموت تانى و قلبت فى القنوات , و سمعت فى قناة ثانية كلمة السيرك ,  فتوقفت عند البرنامج و قلت أتابعه ، البرنامج مستضيف سيدة شيك جداً , تبدوا سيدة مجتمع راقية , و كانت بتقول " السيرك ده بيدمر أبناءنا .. إزاى ولادنا الصغيرين يتواجدوا تحت خيمة منبعث منها روائح الدخان و المخدرات اللى بيشربه أبطال السيرك ، دول مش أبطال دول مجرمين لازم نحاكمهم "
فى الحقيقة أُصبت بذهول ، الناس دى إما إنها ما دخلتش السيرك , أو إنى دخلت سيرك تانى ، الكلام ده ظلم ومستحيل , فيه حاجة غلط ، وفي نهاية الحوار ركزت جداً المرة دى إني أعرف إسم الناشطة , وفعلا المذيعة وجهت الشكر لها وبسرعة مسكت ورقة وقلم وسجلت إسم الناشطة الحقوقية , و الجمعية التابعة لها ، جمعية من جمعيات المجتمع المدنى عن حقوق الطفل .
و مسكت الريموت ثالث مره متعمدة إنى أدور على أى برنامج بيتكلم عن السيرك,  و فعلا لقيت برنامج ثالث و مستضيف ناشطة حقوقية بتتكلم تحديداً عن " ماريانا " و حوادث و إصابات إتعرضت لها خلال الفقرات , و بتقول إن ده إستغلال للمرأة فى أبشع صوره , و إن تشغيلها فى أعمال تؤدى إلى الموت جريمة  , و الغريبة إن الناشطة الحقوقية كانت صحفية أعرفها كويس , و كانت بتهاجم التمويل الأجنبى , و لكن فجأة أنشأت جمعية بتمويل أجنبي للدفاع عن حقوق المرأة . و طبعاً دفعنى الفضول لتصفح باقى القنوات , و لقيت رابع برنامج و كان بيتكلم عن حقوق الحيوان , و طبعاً كان السيرك من وجهة نظرهم بيعذب الحيوانات بالكرباج  , و بيعيشهم فى بيئة غير بيئتهم الطبيعية .
في الحقية كل الكلام ده بيوحيلى إنهم بيتكلموا عن سيرك ثانى , مش ممكن أكون مغيبة بالشكل ده , و تايهة عن السيرك و كل المعانى الجميلة الموجوده فيه ، فيه شئ غير طبيعي فى كل الاحداث .
في الحقيقة قررت إنى أجمع معلومات كافية عن النشطاء الحقوقيين المتبنيين الهجوم على السيرك , و كان الملاحظ إن كل واحد منهم في جمعية مختلفة  , و نشاطاتهم كمان ممكن تكون مختلفة , و لكن كان فيه شئ واحد بيجمعهم , و هو عملهم فى جمعيات ممولة من الخارج  . أما " كابتن روما " فوجئ فى منتصف اليوم بدخول مجموعة من الخبراء  , مكلفين بمعاينة السيرك قبل فك الخيمة , و كتابة تقرير عنه للمحكمة  , و فعلا عملوا معاينة لكل شئ  , حتى تراب الأرض أخدوا منه عينات , و عرف وقتها " كابتن روما "  إنه تم تقديم القضية للقضاء العاجل لأنها أصبحت قضية رأى عام .

على سلم المحكمة


مرت أيام قليلة , و وصلنا لموعد أول جلسة , و على سلم المحكمة كان فى إنتظارنا مفاجئات كثير جداً ، كان فى إنتظارنا " محمد "  و " مجدى "  حتى      "  عز " الصغير واقفين على رصيف المحكمة ،  الحقيقة كل أبطال السيرك بينهم حب و ترابط غير عادى , ورغم إن أوامر " كابتن روما " كانت بعدم الحضور ,  لكن هما فاجأوه بالحضور ,  لإنهم مش ممكن يسيبوه لوحده فى يوم مهم زى ده .
أما المفاجأة الثانية , كانت تظاهرة أمام باب المحكمة , تخيلوا كانوا هما نفس النشطاء و الحقوقيين ضيوف البرامج التليفزيونية , و لحظتها قررت بكل خباثة أمارس معاهم عملى الصحفى , مش علشان الصحافة , و لكن علشان أسجل الحقيقة و انشرها للناس .
قربت من التظاهرة و معايا كاميرا فيديو و سألتهم عن أسباب التظاهرة , طبعاً سمعت نفس الكلام المذكور فى البرامج , فسألت واحد منهم و كان أكثر واحد متحمس و بيهتف :  " حضرتك دخلت عروض السيرك ؟ " , و كانت الاجابة متوقعة بالنسبالى لما قالى:  " لا طبعاً أنا ما أدخلش الأماكن دى " ! سألت ناشطة تانية نفس السؤال فقالت :  " احنا ما دخلناش , و مش هندخلها , و لا حد هيدخلها ,  احنا هنا علشان كده , يبقى ندخلها ازاى " ؟!
يعنى البهوات المناضلين ما دخلوش السيرك , و بيهاجموا و يجرموا شيء لا يعرفوا عنه أي شيء !!!
اكتفيت بالاعترافات دى هى فعلا , إعترافات انهم ما دخلوش السيرك , و لا يعرفوا عنه حاجة أصلاً , و إن كل ده إفتراءات و يد خفية بتحرك كل شيء لأهداف غير معروفة , و لكن أكيد ربنا هيظهر الحقيقة , و يرفع الظلم , و طبعاً كان لازم أنشر حوارهم بكل أمانة و مصداقية , علشان الكل يعرف إنهم بيهاجموا السيرك من غير ما يدخلو عرض واحد بإعترافهم ، لازم الرأى العام يعرف الحقيقة .

السم فى العسل

جمعيات المجتمع المدني بالتأكيد نشاطها مهم , و مُكمل لدور الجمعيات و التنظيمات الحكومية صحيح ، و طبعاً  الحكومة مش هتعمل كل حاجة لوحدها ,   وفكرة وجود نشطاء مناضلين من أجل كل معانى و قيم الحفاظ على حقوق الإنسان و الحيوان فكرة راقية جداً , و ضرورية للحفاظ على كل القيم السامية .
و لكن السؤال من إمتى المناضل بياخد أجر نضاله ؟ و من إمتى المناضل بيمول للدفاع عن الحقوق الإنسانية ؟
المفروض إن ممارسة العمل النضالى فى مجال الحقوق الإنسانية عمل تطوعى , و جهاد بلا أجر ، جهاد من أجل القيمة و المبدأ , فما بالكم لما الجهاد يتحول لعمل بأجر , و الكارثة الأكبر لما يكون الأجر من دولة أجنبية , و الأخطر لو كانت الدولة دى دولة مُعادية ,  أو دولة مساندة لدولة مُعادية لوطنى و عروبتى .
و السؤال هنا يا ترى الدولة الأجنبية ممكن تمول أى عمل فى دولة تانية لخدمة مصالحها  , و لا لخدمة مصالح الدولة الثانية ؟
العقل و المنطق بيقول أنه كل دولة بتخدم مصالحها فقط , و إن التمويل الأجنبى بيهدم الشعور بالإنتماء الوطنى , و بيهدم قيمة العمل التطوعى , و روح الفريق و العمل الجماعي , و كل دى نفس القيم القائم عليها  العمل فى السيرك
و هنا بسأل هو فى مصلحة من يشوه صورة السيرك و أبطاله علشان ما يكونوش قدوة لغيرهم ؟ ، مين من مصلحته يضرب فكرة العمل الجماعى و التعاون القائم عليهم السيرك ؟ ، مين من مصلحته يبعد الناس عن فكرة 
بقلم ناني محسن عبد السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق