الأربعاء، 17 أغسطس 2016

اليوم الأخير - بداية اليوميات




أنا كان لي أب . و كان رئيس محكـــمه
ستين سنة .. في قضية واحدة أترمي
بعد المداولة كشفت وجهه قريت
حلوة الحياة .. و مضحكة .. و مجرمة
عجبي !!!

صلاح جاهين


أول ما خرجنا من قاعة المحكمة كنا كلنا فرحانين جداُ , و أولنا " الإستاذ عبد السلام " محامى " كابتن روما " و صديق والدى الله يرحمه ، " كابتن روما " شكر " أستاذ عبدالسلام " جداً و طلب منه تحديد ميعاد معاه علشان يتفق معاه على أتعاب المحاماه لكن موقف " أونكل عبده " كان فى غاية النبل لما رد و قال : " أنا قفلت مكتبى خلاص و مش عايز أشوف وشكم عندى تانى خالص " 
كابتن روما : إزاى طبعاً مش ممكن بعد كل التعب ده
أنا : مش ممكن طبعاً يا " أونكل " حضرتك حققت نجاح كبير و تعبت قوى
أستاذ عبد السلام : بس يا بنت مش عايز أسمع صوتك , و دلوقتى تتفضلوا تروحوا و تحتفلوا و تفرحوا , و لو افتكرتونى إبقوا اعزمونى فى الإفتتاح
أنا : " أونكل " ليه بتعمل كده ؟
أستاذ عبد السلام : عايزه تعرفي ليه بعمل كده , لإنى بحب الفن , و بحب رفع الظلم عن المظلومين , و لأنك بنتي , و إنتم أصحاب بنتى , و بعدين هتفضلى واقفه هنا فى المحكمة وسط المجرمين , اتفضلى , شطبنا خلاص على البيت على طول
لسه فيه ناس كده في الدنيا , فعلا لسه الخير موجود ، بس الظاهر إن الشر صوته عالي , و الصوت العالى بيوصل للناس أسرع من صوت الخير الهادي الطيب
خرجنا من المحكمة  , و قررنا نحتفل , لكن " كابتن روما " قال : لا مفيش إحتفال إلا تحت خيمة السيرك , بسرعة " كابتن مجدى " قال : بس كده ، أنت ترتاح يا كبير و تاخد أجازة , و انا و " يحيى " علينا نصب الخيمة , رد " محمد " و قال : و بعد ما تنصبوا الخيمة , أنا عليا نظافة و ترتيب السيرك , و أفرشلك الأرض ورد يا " كابتن روما " و تمشى عليها , أما " ماريانا " قالت :  و أحنا كلنا هنعمل أحلى حفلة يوم الافتتاح , و بسرعة " كابتن مجدى " قال : بس عندكم ... الغنا عندى و لا هتجيبوا مطرب غيرى
أنا : انت فعلا بتغنى يا فيجو ؟  
كابتن مجدى : ههههههههه أومال كنت بهزر مع القاضى , أايوه طبعا , أنا و أصحابى كونا فريق غنائى ناجح , و مشهور جدا كمان , و " فيجو اليمانى " ده إسمى الفنى
أنا : طيب تيجى نغنى
كابتن مجدى : أغني حبيتها ... ممممم " حبيتها قبل ما أشوفها حبيت براءتها و خوفها ..."
أنا : إيه ده يا فيجو ؟
كابتن مجدى : فيه إيه ؟ , هو أنا لحقت أغنى
أنا : دى مش شبه الأغانى اللى بحبها
كابتن مجدى : طيب قوليلى الأغانى اللى بتحبيها
أنا : أغنية أكيد دلوقتى بيغنيها الناس اللى رفعت القضية على السيرك ,  " أنا اللى أستاهل كل اللى يجرالى ... الغالى بعته رخيص و لا أحسبوش غالى "
كابتن مجدى : و بعدين
أنا : و بعدين إيه ؟ ده دور قديم من أدوار سى عبده الوهاب , زى ما كانوا بيقولوا عليه زمان ده الأستاذ
كابتن مجدى : طيب ما فيش دور وسط لسى عمرو دياب , هههههههههههه ما هو أستاذ بردوا بس حديث شوية , ههههههههه عايز حاجة حافظها ، طيب أقولكم أغنية حلوة قوى , و دى بقا إحنا اللى بنغنيها مش الناس الوحشين , هدية منى من " مجدى اليمانى " لأجمل عم , و أجدع سيرك , و أحلى عيلة فى الدنيا كلها ,  " عيلة اليمانى "


أنا مهما كبرت صغير            أنا مهما عليت مش فوق
مهما الأيام تتغير                  منستش إن انا مخلوق
مخلوق طيب بالفطرة            عايش في الدنيا لفترة
الفكرة تخدني لفكرة               و الخير والشر فروق
و انا مهما وصلت مفارق        و في غربة قلبي شروق
الدنيا دروب ومفارق             متاهة وتوهة وشوق
و في عز الليل الغارق           منستش إن أنا مخلوق

  
 رنة تليفون


" أنا مهما كبرت صغير ... أنا مهما عليت مش فوق " رنة تليفوني ، فضل تليفوني يرن كثير و أنا مستمتعة , متخيلة " فيجو " لسه بيغنى لغاية ما انتبهت إنه تليفونى , فتحت الخط سمعت صوت " ماريانا " بتقولى :  حبيبتى شوفتى اللى جرالنا , شقة " كابتن روما " اقتحموها و سرقوها , بدون تفكير قلتلها : المجرمين أكيد رجالة  " يحيى علام " و " إيمان صالح " مش مكفيهم القضية اللى رفعوها على السيرك .

و فجأة لقيت " ماريانا  " بتقولى " يحيى علام " مين و"  إيمان " مين , حبيبتى شكلك نايمه و بتحلمى , مفيش قضية و لا حاجة ,  هسيبك ترتاحى دلوقتى
أنا : لا يا " ماريانا "  إستنى , فعلاً أنا كنت نايمة و بحلم إن فيه ناس مجرمين رفعوا قضية على السيرك
ماريانا : و حلمك  اتحقق , بس مش قضية سرقة و إقتحام و تكسير ,  تقريبا كلنا كده فلوسنا اتسرقت
أنا : أومال لو شفتي الحلم أبشع ، كانو عايزين يسجنوا " كابتن روما " ده مش حلم , ده كابوس , بجد انا خايفه من الحلم و من الحقيقة
ماريانا : حبيبتى من ساعة ما " كابتن روما " دخلك قفص الأسود علشان نتصور كلنا و انتى مش عجبانى خالص , كان هيغمى عليكى من الخوف
أنا : أنا فعلا حرارتى مرتفعة , و الظاهر علشان كده كنت بحلم الكابوس ده ,  بس بردوا " كابتن روما " انتصر في لآخر ، على فكرة يا " ماريانا " اللى شفته فى الحلم مش غريب عن الواقع , ده من قلب المجتمع , حتى لما صحيت بردوا صحيت على واقع مؤلم .
ماريانا : سيبك من الحلم و من الواقع , و خلى بالك من صحتك علشان نشوفك , بجد وحشتينا , و اليوم اللى مش بنشوفك فيه بيبقى وحش قوى .
أنا : " ماريانا " أنا لازم أحكى كل اللى شوفته في الحلم و الواقع , و لازم الناس تعرف الحقيقة , و تعرف إزاى بتلعبوا على عمركم , و إن الوحوش الحقيقية بره السيرك ، وحوش ماعندهاش رحمة و لا شفقة
ماريانا : حبيبتى إكتبى و اعملى كل اللي نفسك فيه
أنا : " ماريانا " على فكرة أنا بحبك قوى , لأنك طيبة و جدعة ، أقولك على حاجة و ما تزعليش , عارفه أول ما دخلت السيرك كنت فاكرة إنك مسلمة و                " جولنارا "  أكيد مسيحية لأنها أجنبية  , لقيت العكس .
ماريانا : لا طبعاً مش هزعل , بس عارفه  بحس إن المصريين رغم كل العيوب اللى فيهم لكنهم قريبين من ربنا , و متمسكين بعقيدتهم عن الغرب
أنا : بس المعاملات هنا سيئة
ماريانا : لكننا رغم كده لا ننكر وجود الله  على عكس الغرب , منهم كثير ملحد مش فنانيين  , و ممكن الناس تقول إننا مش متدينين , على العكس الناس هنا بتقرا قرآن قبل ما تخرج , و انا بوشم الصليب , و كلنا الصيام لازم كلنا هنا ملتزمين بعبادتنا يا ريت كل الناس تعرف ده
أنا : عايزه أكتب عن كل الأيام اللى قضتها معاكم , و كل الأهوال اللى بتشوفوها , و كل الكوارث الموجودة فى المجتمع , جايز نقدر نغير و لو جزء بسيط من واقع بيئلمنا .
ماريانا : إنتى سخنة , خدى علاج الأول و ارتاحي
أنا : لأ , هكتب من دلوقتي و أنا لسه فاكرة كل تفاصيل الحلم ، لما أكتب هرتاح

" أكتب اليوم أولى كلماتى من يوميات فى السيرك , عن أيام قضيتها فى سيرك روما العالمى ، عمل كان بطلة الأول هو الصداقة و المحبة الخالصة بينى و بين أصدقائى ، بدأ هذا العمل من صداقة جمعت بينى و بين زميلتى الكيميائية ميرفت العربى , فكانت سبباً فى معرفتى بكابتن " عماد يوسف " , فكان نعم الأخ و الصديق , و من خلاله كان دخولى لعالم السيرك , و صداقة جمعت بينى و بين كل فريق العمل بالسيرك .

عمل بدأ بإثنى عشر يوما ,  اكتفيت بنشرها على موقع صدى بورسعيد الإخبارى ,  بتشجيع من أستاذ " طارق الغنام " رئيس تحرير الموقع , فتحول إلى كتاب كما فكر زميلى الصحفى الفنان الأستاذ " سامى الوكيل " , و بتشجيع أحب الناس إلى قلبى أختى الثانية و صديقتى الإعلامية " رانيا السادات " و الكثير جدا من الأصدقاء المخلصين ، و لا عجب عندما تجد محامى العائلة الأستاذ " عبد السلام الدهشان " يتعهد بتوثيق الكتاب بنفسه و على نفقته , تشجيعاً لى مثلما ظهرت شخصيته في أحداث القضية .

إن إيماني بوجود الطيبين من عباده و وجود الخير و الصداقة المخلصة الوفية بين الناس , هو نفس إيماني و يقيني بوجود الله ، إنه ليس كلام روايات بل هو واقع أعيشه و رسالة لمن يقول الدنيا لم يعد فيها خير .

و مثلما كانت الصداقة بطل هذا العمل , فقد كانت عيون أبطال السيرك هى البطل الثانى ’ فكثيرا ما تجذبنى هذه العيون و تثير فضولى لمعرفة ما وراء الستار ، عيون تُطل إليك من وسط مساحيق كثيفة كستار سميك تتمنى لو تعرف ما يُخفى وراءه ، يرى الجميع هذه الوجوه المرسومة فيضحكون , وأراها فأتسأل : ماذا لو كانوا الأن يتألمون ؟ ............. حتى نهاية مقدمة اليوميات .


و تتوالى الأيام و الأحداث و يظل السيرك جزءا من السيرك الكبير , سيرك الحياة ,  نتعلم منه الكثير رغم آلام أبطاله و أنيننهم المكتوم ، يحلمون بوصول آلامهم و أوجاعهم مثلما أوصلوا ابتساماتهم و ألوان و جوههم ، يحلمون بعالم أطهر و مستقبل أفضل , و نشاركهم نفس الحلم , فهكذا اشتركت أحلامنا فأخرجنا لكم  "يوميات في السيرك " 


التوقيع :


نحن


         
      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق