السبت، 20 أغسطس 2016

اليوم 6 - الحب والموت


سمعت نقطة ميه جوه المحيـــــــط
بتقول لنقطه ما تنزليش في الغويط
أخاف عليكي م الغرق .. قلـــــت أنا
ده اللي يخاف م الوعد يبقي عبيط
عجبي !!!

صلاح جاهين

 

ماريانا و الثعبان العاصر

المفروض إن الحب دايماً بيعطي الإنسان شعور بالسعادة , و الأمل , و دافع للإقبال على الحياة , و لكن هل ممكن الحب يعطى نفس الدافع للإقبال على الموت بنفس القوة و السعادة ؟
الفكرة تبدو غريبة  , لكن الواقع الفعلي بيقول ممكن , و ده من واقع الحياة في السيرك . أكثر إثنين جسدوا المعنى ده هما " ماريانا  " و " محمد اليمانى " , و الحقيقة إني حاولت أفهم إزاي الإنسان ممكن يحب شيء عارف إنه ممكن يقضى على حياته , علشان كده كان لازم نفهم طبيعة عمل و فكر الشخصيتين عن قرب  .


"  ماريانا  "
ماريانا و الثعبان العاصر فى قبلة الموت
" ماريانا  "  هي ابنة صديق " كابتن روما "  و أصبحت إحدى أفراد الأسرة , و أحد أعمدة السيرك الهامة جداً ، " ماريانا  "  عشقت حياة السيرك من صلة والدها بأسرة اليماني , و فضلت العمل معاهم في السيرك , و حاليا بتدرس الفن الشعبي و بتتدرب عليه , و أضافت فقرة الفن الشعبي لسيرك اليماني كفقرة خفيفة بين الفقرات .  أما عملها الأصلي في السيرك قبل الفن الشعبي فكان فقرات في غاية الخطورة " و أول فقرة منهم كانت فقرة الثعابين العاصرة " و هي بتقوم باستعراض راقص بالثعبان " و في العرض ده " ماريانا  "  بتلف الثعبان على رقبتها , و طبعا ممكن جداً الثعبان يلف بشكل عاصر يخنقها و يكسر الرقبة , و في أخر الفقرة بتقوم " ماريانا  "  بقبلة الموت , و هي وضع فم الثعبان في فمها , باختصار الفقرة كلها خطورة , و لما سألنا " ماريانا  "  عن أصعب المواقف , قالت : إن الثعبان بالفعل في مرة لف على رقبتها , و خنقها , و قدروا يخلصوها بأعجوبة , و مرة تانية التعبان لدغها

         ماريانا و كابتن روما و السلاح الأبيض

أما الفقرة التانية ل " ماريانا  " , فهي فقرة القناص , و هي عبارة عن فقرة تصويب بالسلاح الأبيض , بيقوم بها " كابتن روما "  على خشبة كبيرة , و تقف " ماريانا  "  أمامها , و " كابتن روما "  يصوب حول " ماريانا  " ,  مرة كهدف ثابت , و مرة كهدف متحرك , و طبعاً سألتها عن ذكرياتها مع الفقرة , فقالت : إنها أصيبت بالسلاح الأبيض مرتين ، مرة بالذراع , و مرة بالرأس , ومع ذلك                " ماريانا  "  تعشق السيرك , و تحب عملها بكل خطورته   .
  
" محمد اليمانى  "

" محمد اليمانى " هو ابن " كابتن روما "  إتربى وعاش في السيرك , و أتدرب على إيد والده ، " محمد "  في المعهد العالي للفنون المسرحية , عاشق للتمثيل , و له تجارب تمثيلية مع فنانة السينما أميرة فتحي تعتبر بداية جيدة له , رغم كده " محمد "  بيقول :  إن أي نجاح بيحققه في التمثيل لا يوازى سعادته بنجاحه في العمل بالسيرك , و حب التمثيل لا يوازى حب السيرك , لأن السيرك بيجري في دمه , و لا يمكن يتخيل حياته بعيدا عن السيرك , و دايماً بيقول " أنا أصلى السيرك "
من الألعاب الخطيرة جداً " لمحمد "  لعبة النار ، يمكن الحيوانات المفترسة إتعودت على " محمد "  و ألفت الأسرة , و بينهم علاقة ودودة رغم الطبيعة المفترسة للحيوانات .
أما النار لا تألف أحدا , و لا يتم ترويضها , و فقرة النار عبارة عن أثقال مربوطة بسلاسل , فيها بنزين مشتعل , و المفروض أن يتم تحريكها في الهوا بسرعة كبيرة , و لكن في يوم البنزين يسقط  مشتعل على جسم " محمد ,  و طبعاً النار تمسك فيه ولأن " كابتن روما "  و الفريق جاهز بطفايات الحريق بسرعة تم إنقاذ " محمد "  من الاحتراق  .

لما سألت " ماريانا "  و " محمد "  ليه مستمرين في فقرات خطيرة  تهدد حياتكم , و سبق إنقاذكم من موت محقق أكثر من مرة ؟ قالوا : لأ مش ممكن نبطل شغل في السيرك , لأنه أصبح شغلنا و حياتنا اللي بنحبها .
  


  
 "  أيمن شمشون  "





 " أيمن شمشون "  هو ثالث شخصية تجسد فكرة الحب و الموت ، فقراته كلها قاسية , لأن " أيمن "  بيقوم بدور " شمشون "  و من الاسم نقدر نفهم دور " أيمن "   بالتحديد , و هو دور الرجل الجبار ذو القدرات الخارقة.
" شمشون "  شخصية لها جذور تاريخية في الديانة اليهودية , في كتاب العهد القديم ، القصة تحكى لنا حكاية شمشون بن منوح الدني ، و هو رجل منحه الله القوة ليواجه بها أعداء بني إسرائيل ، كانت أم " شمشون "  سيدة عاقر , فظهر لها و لزوجها ملاك , و بشرهم بمولود قوى , و طلب من الزوجة الامتناع عن شرب الكحول , و ألا تقص أو تحلق شعر المولود أبدا , لأن  شعر " شمشون " كان سر قوته , كبر " شمشون "  و أصبحت قوته تقهر البشر , و الوحوش , فتارة يقتل ثور و تارة نمر و تارة أسد  بيديه و دون سلاح ، و تروى لنا القصة , عن فتاة أحبها " شمشون "  و يوم العرس ضغط أهالي مدينتها أعداء بني إسرائيل على والدها ليمنع هذا الزواج , و فعلا يستجيب والدها , و يسلمها زوجة لصديق " شمشون " ,  و هنا يقرر " شمشون "  الانتقام من رجال المدينة , و يقتل منهم الكثير في حربه معهم  ، و بعد سنوات من الحرب يحرض عليه الملك فتاة اسمها دليلة , لمعرفة سر قوته , فقد كان الملك يغار من قوة " شمشون "  ، فتقوم دليلة بدور المحبة و ينخدع " شمشون "  فيحبها و يتزوجها ، ذات ليلة , قامت دليلة بربط " شمشون "  بالحبال و هو نائم , و لكن يستطيع  " شمشون "  فكها بعدما يستيقظ , فتقول له دليلة : لقد فعلت هذا لأختبر قوتك ، ثم تذهب للحداد ليصنع لها سلسلة من الحديد القوي و تكبله بها و هو نائم , فيستطيع فكها أيضا فتقول نفس الكلام :  كنت أختبر قوتك , و أثناء سيرهما ذات مرة تسأله عن سر قوته التي كانت سبب حبها له , فينخدع بكلامها و يقول لها :  شعري , فيستيقظ فيجد نفسه هذه المرة مكبلا بشعره فيعلم أن دليلة خدعته .
أخذ رجال الملك " شمشون "  إلى المعبد , و قصوا له شعره , و تخيلوا أنها نهاية         " شمشون " و يوم فيوم يطول شعر " شمشون " ,  و يسترد قوته , و يقرر أن ينتقم منهم ، كان " شمشون "  أسيراً في المعبد , فإذا به يزحزح أعمدة المعبد فينهار على رأسه , و رؤوسهم جميعا , و تكون نهاية " شمشون "  و أعدائه في أن واحد .

نرجع مرجوعنا " لأيمن شمشون "  ، " أيمن "  وجه يحمل كل معاني الطيبة و الرحمة ، وجه يقال عنه وجه ملائكي , لا يحمل أي شيء يدل على العنف أو القسوة , على عكس فقراته تماما ، حقيقي معادلة في غاية الصعوبة و الغرابة تدفع أي إنسان يتعرف على " أيمن "  الحقيقي, هو " أيمن منير "  قريب   " كابتن روما " , عمره 21 سنة , خريج كلية تجارة , في غاية الذوق و بشوش الوجه , بدأ حياته في السيرك من سن 15 سنة , و كانت أول فقرة قام بها المطبخ الصيني , و بعض العاب الماسكات  و البلياتشو , و حالياً بيقوم ببعض الفقرات الخاصة بشخصية " شمشون "
  سألت " أيمن "  عن سبب لعبه لفقرات تؤدى إلى الموت ، قال عن فقراته : أنها بتقوم على المهارة , و أن كل الفقرات محسوبة بالملي , و ليست قدرات خارقة , و لا ينصح أي طفل بتقليدها , لأن السيرك فن و تدريب و ليس به مجال للخطأ , و لما سألنا " شمشون "  هل ممكن يجتمع الوجه الطفولي مع ألعاب " شمشون " ؟ فقال : أنا مش عنيف , و لا يمكن ألجأ للعنف , أنا بقدم فن و مهارة و العاب محسوبة بكل دقة , و لا مجال للخطأ , لأن الخطأ ثمنه حياة الإنسان .
, أيمن " في أخر حواره وجه رسالة لكل أطفال مصر , و قال : نفسي كل طفل يفهم إن الإنسان القوى فعلا قوى بعقله , و شخصيته , و أخلاقه , و لا يمكن يلجأ للعنف , و غلط جداً إن الأطفال تقلد أي شيء بتشوفه في الأفلام , أو في أي عمل فني , زى ما بنشوف أطفالنا في الشوارع , أصبح عندهم عنف في معاملاتهم  نتيجة التقليد , و أن التعليم و التدريب و الأخلاق أساس أي شيء , و إننا لازم نكون أقوياء لصحتنا مش لضرب الناس و استخدام العنف , و كل لعبنا قايم على الحب ، حب بين أبطال السيرك , و حب بينا و بين الوحوش المفترسة , دول أولادنا مش مجرد حيوانات اتولودوا على إيدينا و بنربيهم و بيكبروا قدام عنينا , و لأننا بنحب الناس , بنقدم ألعاب تسعد الناس رغم صعوبتها , و لو كل الناس بتحب بعضها , عمرهم ما يحتاجوا أبدا للعنف ، الحب هو سر الحياة .
  

الموت من أجل ما نحبه

أعتقد أنه واضح جدا أن الإنسان ممكن يموت في سبيل شيء بيحبه و هو سعيد و غير مبالي بخطورة الموت , و ده بيفسر إقبال الشباب على الموت بكل حماس و قوة في الثورة , وأن رؤيته لموت أصحابة ما ممنعوش من التظاهر و الوصول لنفس النهاية " الموت " .
و الموت ما منعش أبطال أكتوبر من الحرب لتحرير سيناء , و لا بيمنع أطفال الحجارة في فلسطين من بطش إسرائيل , و لا بيمنع أب و أم من التضحية بكل شيء في سبيل حياة أبنائهم , و لا منع أي إنسان من أداء عمله مهما كانت المخاطر .

الحب يصنع معجزة أو جريمة

بنفس المنطق زى ما الحب بيوصل الإنسان ليصنع المعجزات حتى لو  هيواجه الموت ، الحب ممكن يصنع جرائم مخيفة !!!
من أجل الحب المحرم من أيام ابنة تقتل أبوها , و تدفنه بمعاونة صديقها , لأن الأب اكتشف علاقتها المحرمة بصديقها .
من أجل الحب المحرم شاب يعمل جاسوس , لأنه اكتشف إن البنت المرتبط بها جاسوسة لإسرائيل , فكمل معاها تجسس على وطنه .
من أجل الحب المحرم شاب يتحول لمدمن , لأنه صاحب شلة فاسدة إتعلم منهم شرب المخدرات .

  أنصار نظرية   "  أي حب حرام أو ضعف  "
و دول اتجاه ثالث , جعل من الحب في حد ذاته شيء مُخجل و مُهين و حرام , و بالتالي غابت عن وشوشهم الابتسام , و غابت عن القلوب الرحمة , و أصبح ما يميز تعاملاتهم البطش قولاً و فعلاً  , و هنا مش بقصد اتجاه أو فكر معين ، لكن كل إنسان نُزع من قلبه الحب , لازم هتنتزع  من قلبه الرحمة مع مرور الوقت .
أظنكم فاكرين الواقعة الشهيرة في الإسكندرية , لما المجرم المتطرف رمى الولاد من فوق السطح , و الولد بيستغيث و يقوله " لا يا شيخ "
فاكرين كمان مافيا الأعضاء البشرية , و خطف الأطفال , و تحويلهم لأعضاء تباع و تشترى ، تجارة كبيرة و بتمارس بشراسة ضد أطفال القارة الإفريقية و غيره و غيره , كل دول ما يعرفوش كلمة حب  .

  

الحب شيء إيجابي ,
مش مهم هو دافع للحياة أو للموت ,
ولكن المهم يكون متفق مع القيم , و المبادئ , و الدين ,
و يضيف قيمة للحياة والبشر .



رابط المقال على شبكة صدى بورسعيد الاخبارية 
في 12 ابريل 2014

http://www.sadaportsaid.com/10852/


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق