الأربعاء، 17 أغسطس 2016

اليوم 17 - قانون اليقين



 حاسب من الاحزان و حاســـــــب لها
حاسب علي رقابيك من حبلـــــــــــها
راح تنتهي و لابد راح تنتهــــــــــي
مش انتهت أحزان من قبلهــــــــــا؟
عجبي !!!
صلاح جاهين



بعد ما أنهيت حوارى مع بهوات النضال , دخلنا كلنا لقاعة الجلسة الخاصة بالمحاكمة  ، كانت الثوانى بتمر ببطئ  , و الضجيج مُرتفع , و فجأة سمعنا كلمة حاجب المحكمة الشهيرة " محـــــــــــكـــــــــمة " .
الكل وقف إحتراماً للقضاة و بعد ما اعتلى القضاة المنصة قال القاضى  ....
تبدأ المحكمة اليوم إولى جلساتها فى نظر القضية رقم 500 جنايات لسنة 2014 و الدعوى المقامة من كلا من :
" لدكتورة إيمان صالح " طبيبة ومديرة و مالكة  لمستشفى الرحمة  الاستثمارية   
" الإستاذ حسام بديع " رئيس حزب مستقبل أولادنا , و  رئيس مجلس إدارة شركة رحاب مصر العقارية
" الإستاذ يحيى علام " رجل الأعمال , و مالك شركة أضواء النجوم للإنتاج الفنى 
و قد أقاموا الدعوة ضد " إبراهيم اليمانى " و شهرته " روما اليمانى " لاعب سيرك و صاحب " سيرك روما اليمانى " و اليوم إولى جلسات المحكمة للنظر فى القضية
  و فجأة لقينا الحرس داخل المحكمة اتحركوا بسرعة علشان ياخدو " الكابتن روما " داخل قفص الإتهام , على إعتبار إنه متهم ، مشهد صعب , و أكيد مفزع لينا كلنا , و كان طبيعى نلاقى الولاد فى حالة إضطراب , و البنات تنهار , و كالمعتاد كان موقف " كابتن روما " فى غاية الثبات لما قالنا و هو مبتسم : مالكم فيه ايه ؟  راجع لكم تانى , و التفت للعساكر و قالهم : إتفضلوا أنا معاكم .
 حقيقى موقف فى غاية الرقى و الذوق , لكنه كمان فى غاية الشجاعة و اليقين بالله , و الايمان بأن عدل ربنا لازم ينتصر .
و بعد ما "كابتن روما "دخل لقفص الإتهام القاضى قال : النيابة تتفضل بالمرافعة
و فعلاً بدأ وكيل النيابة كلمتة قال :
سيادة المستشار الرئيس السادة المستشارين قال شاعرنا المصرى أمير الشعراء أحمد شوقى :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت         …    فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه    …      فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
إذا أصيب القوم في أخلاقهم         …  فأقم عليهم مأتماً وعويلاً

فحق علينا اليوم البكاء و العويل على القيم و الأخلاق التى نال منها هؤلاء بإسم الفن , فكانوا كالسم فى العسل ، إنهم قدموا السم لنا و لأبنائنا فى صورة عروض فنية , و الحقيقة أنها مجموعة إجرامية  دنست الفن , قادها هذا الإنسان الذى يدعى كذباً أنه إنسان و فنان , و لكن الواقع يُكذبة فيُظهر لنا وجهه الأخر ، إنه أشرس و أعنف بكثير من الوحوش التى يربيها .
سيدى الرئيس يبدوا الأمر للجميع أنها عروض ترفيهيية لفنون السيرك ، أما الحقيقة فهى مجموعة من الجرائم التى تتنافى تماماً و كليةً مع كل نصوص حقوق الإنسان ، فتحت خيمة السيرك نجد عمالة الأطفال , و تحت خيمة السيرك نجد الاستغلال لشباب بسيط فقير لم يجد لقمة العيش , فإضطر للعمل فى السيرك وسط الوحوش المفترسة مُعرضاً حياته للخطر , و تحت خيمة السيرك تنبعث روائح الحشيش و البانجوا ليعلموا الأطفال شرب المخدرات وفق ما ورد بالتحقيقات لشهود العيان , و تحت خيمة السيرك نجد الانهيار الثقافى و الفنى من تقديم فنون رديئة تنحدر بالمستوى الفنى و الثقافى لهذا المجتمع .
لذا أطلب من عدالتكم إغلاق هذا السيرك نهائياً , و توقيع أقصى العقوبة على المتهم الماثل أمامكم ليكون عبرة لأمثاله و شكرا .
إنتهت كلمة النيابة و بسرعة محامى " كابتن روما "طلب الكلام
القاضى : الدفاع يتفضل .....  ( و الدفاع هو محامى كابتن روما )
الدفاع : سيادة القاضى أطلب من عدالتكم الافراج عن موكلى بناء عن هذا التقرير الوارد من المعمل الجنائى , و الذى يفيد بعدم وجود أى مواد مخدرة أو إنبعاث أى روائح لها داخل السيرك و المساحة المتواجد بها , مع ضمان حضور موكلى للجلسات المقبلة و شكرا .
القاضى : يفرج عن المتهم بكفالة , و يحدد بعد غد موعد الاستماع لشهود الاثبات رفعت الجلسة .
و فعلا بسرعة الحراسة فتحت باب القفص و خرج "كابتن روما "و هو مبتسم
كابتن روما : ما أتأخرتش عليكم , مش قلتلكم راجعلكم تانى
محمد : قولى يا بابا  , إنت كنت عارف إنك هتخرج بسرعة كده
كابتن روما : هههههه بصراحة أكيد لأ ,  لكن واثق
محمد : مش فاهم ... إزاى مش عارف  , و فى نفس الوقت واثق  بالشكل ده .
كابتن روما : لأن إنت بتفكر بقانون البشر , و أنا بفكر بقانون اليقين
محمد : أول مره أسمع قانون اليقين ... يعنى ايه يا بابا ؟
كابتن روما : يعنى كل قضية ممكن تكسبها على قد يقينك بها , و كل حلم ممكن تحققه على قد إيمانك به ، يقينك الداخلى هو الحكم , حتى لو كان ضد كل قوانين و حسابات العقل البشرى .
محمد : قصدك اليقين بالله
كابتن روما : أكيد , هو إحنا لينا غيره , أنا يقينى فى الله كبير , و إحنا ناس مؤمنين



كل قضية ممكن تكسبها على قد يقينك بيها ,
و كل حلم ممكن تحققه على قد إيمانك به
يقينك الداخلى هو الحكم ,
حتى لو كان ضد كل قوانين و حسابات العقل البشرى .


دموع السيرك



خرجنا كلنا من المحكمة و معانا " الكابتن روما " و هو مبتسم , كأن مفيش حاجة حصلت , ورجعنا على بيت "كابتن روما " ، " كابتن روما " لما حس إن الإقامة هتطول , جاب سكن كبير علشان يكون مُريح له و للولاد  فى الإقامة . كنا كلنا موجودين فى حجرة الضيوف , بنتكلم و نتناقش , و فى لحظة  " كابتن روما " لاحظ عدم وجود " حمادة " فسأل : " حمادة  "فين ؟ لكن الكل سكت , و ساعتها لاحظ " كابتن روما  " صوت بكاء مكتوم من غرفة " محمد " , و بسرعة فتح باب الغرفة .
" محمد " كان مخبى و جهه فى المكتب , و بيبكى بصوت مكتوم ، ساعتها كلنا قلقنا , و جرينا ورا " كابتن روما " , و كلنا بنقول " محمد مالك " ساعتها              " محمد " قال بصوت مخنوق " : كل ما بفتكر بابا و هو جوه القفص بتخنق , و أحس إنى عايز أموت ... مش قادر غصب عنى بجد  . 
كابتن روما : و لما أنت تعمل كده أومال " شهد " بقا تعمل إيه ؟ ، الأول لما كنت أقولك بلاش فقرة النار النهارده , و أقول " لمجدى " بلاش السلم النهاردة كنت ألاقيكم بتبكوا ورا الستارة  , ساعتها كنت بقولكم إنتوا رجالة ما ينفعش كده ,  لكن من جوايا كنت ببقا فرحان لإنكم بتحبوا الشغل , و بقول فعلاً أنا عندى رجالة يُعتمد عليها , أما دلوقتى مش المفروض انى أشوف دموع حد فيكم , و لازم تبقوا قد الموقف .
محمد : بس الموقف صعب قوى
كابتن روما : و لو ...  اللى يقع فينا لازم الثانى يسنده , و يكون قوى و قد المسئولية ، زمان يا " محمد " قبل ما تتولد , و انا عندى 21 سنة وقعت و أنا بلعب ترابيز , و تعبت لغاية ما جبت علاج على نفقة الدولة , مع إننا مفروض يبقا لينا تأمين صحى , لإننا فنانيين بنلعب على عمرنا علشان نفرح الناس , و لما كنت طفل صغير , و كان عندى 26 سنة , و قعت على راسى و إيدى , و فضلت أتعالج مدة , و بعدت عن السيرك فترة طويلة  , و الحرب دى مش أول حرب , سبق لقيت زميل بيحاربنى فى  السيرك القومى , و بسببه سيبت السيرك , لكن حلفت أكون صاحب سيرك ، تفتكر بعد كل التعب ده ممكن تعبنا يروح , أكيد لأ , ربنا ما يرضاش بالظلم , و أنا مظلوم ، لسه ياما هتشوفوا فى الدنيا دى , لكن فى الأخر لازم حقك يرجعلك  , و دموعكم دى مش عايز أشوفها تانى ,  مفهوم .
" كابتن روما " دخل غرفته و قفل عليه , و قال إنه مش خارج منها إلا لو شافهم كلهم مبتسمين زى الأول , علشان كده كلهم تماسكوا , و أظهروا قوتهم فى مواجهة الموقف .
بقلم ناني محسن عبد السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق